0 Loading ...

موسوعة النّساء التّونسيّات موسوعة النّساء التّونسيّات

فتحيّـة مـزالـي

[1927-2018]
مجالات النشاط
  • الالتزام والنّضال في الحياة العامّة

تعدّ فتحيّة المختار مزالي إحدى أبرز الشّخصيّات النسائيّة التونسيّة في النصف الثاني من القرن العشرين، نظرا  إلى الأدوار الخطيرة التي اضطلعت بها على أكثر من صعيد.

ولدت فتحيّة المختار في 6 أفريل 1927 بمدينة تونس، وتعود أصولها إلى بلدة رأس الجبل. فوالداها ينحدران من عائلتين عريقتين بهذه البلدة : عائلتي المختار وبلخوجة (خالها هو الوزير والديبلوماسي والرياضي البارز حسّان بلخوجة).

كان والدها، عبد الرحمان المختار، زيتونيّ التكوين ومحافظا، ومع ذلك سٌمح لها بدخول المدرسة في زمن حُرمت فيه أغلب الفتيات التونسيّات من حقّهنّ في التعليم. تحصّلت فتحيّة المختار على الشهادة الابتدائيّة سنة 1935، ثمّ على البكالوريا عام 1947. وقد خوّل لها تفوّقها التمتّع بمنحة دراسيّة لمواصلة تعليمها العالي بجامعة السربون في فرنسا، حيث تحصّلت على الإجازة في الفلسفة. وفي السربون تعرّفت على محمّد مزالي، الطالب في الاختصاص نفسه. وفي سبتمبر 1950، تزوّجت به وأنجبت منه أبناءها الستّة. (جريدة الشرق الأوسط، عدد 30 ديسمبر 1983، «أوّل حوار مع أوّل وزيرة للشؤون النسائيّة في تونس فتحيّة مزالي»).    

اشتغلت فتحيّة مزالي في البداية بالتدريس، فالتحقت منذ 1950 بمدرسة ترشيح المعلّمات بمونفليري، وتولّت انطلاقا من 1957 إدارة هذه المدرسة. كما شاركت في اللّجنة القوميّة للتّعليم التي اضطلعت في 1967 بمهمّة إصلاح التّعليم. وكان لها كذلك حضور في مختلف اللجان البيداغوجيّة التابعة لوزارة التربية القوميّة.

ورغم أهميّة إسهامات فتحيّة مزالي في ميدان التّعليم، فإنّها عٌرفت أساسا بنضالها السياسي، ونشاطها في الحركة النسائيّة؛ إذ انخرطت في 1948 في الشعبة الدستوريّة للطلبة بباريس، وهناك التقت بورقيبة لأوّل مرّة (أفريل 1950)، وقد اعتبرت هذا اللقاء «المنعرج الكبير» (جريدة العمل، عدد 17 أوت 1973) الذي سيحفّزها بعد عودتها إلى تونس على الانخراط في عدد كبير من المنظّمات، علاوة على نشاطها داخل الحزب الاشتراكيّ الدستوريّ.   


ولعلّ أبرز الأدوار التي اضطلعت بها فتحيّة مزالي هو دورها في الحركة النسائيّة التونسيّة؛ فقد انتمت إليها مبكّرا عبر الانخراط في الاتّحاد النسائيّ الإسلاميّ في 1945، ثمّ أنّها مثّلت هذا الاتّحاد في مؤتمر عالمي بباريس. وسيكون لهذا النضال النسويّ امتداد ضمن الاتّحاد القوميّ النسائيّ التونسيّ، إذ كانت من العناصر المؤسّسة لهذا الاتّحاد سنة 1956، كما كانت إحدى أبرز قياداته طيلة ثلاثة عقود. فبعد أن انتُخبت في المؤتمر الأوّل (أفريل 1958) نائبة للرئيسة راضية حدّاد، تولّت الكتابة العامّة إثر المؤتمر الثاني (أوت 1960) إلى أن تبوّأت رئاسة هذه المنظّمة انطلاقا من المؤتمر الخامس (أوت 1973)، وتواصلت رئاستها إلى غاية جويلية 1986. وقد شاركت بصفتها رئيسة للاتّحاد النّسائي، في عديد النّدوات العالميّة والإقليميّة للمرأة. (على غرار النّدوة العالميّة للمرأة المنعقدة بكوبنهاغن (Copenhagen) في جويلية 1980)  وتسلّمت نيابة عن المنظّمة النسائيّة التونسيّة - في 15 ديسمبر 1978 جائزة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان.

عملت فتحيّة مزالي خلال فترة ترؤّسها الاتّحاد القوميّ النسائيّ على تأسيس فروع جهويّة ومحلّية للاتّحاد في مختلف مناطق البلاد وساهمت في النّهوض بوضعية المرأة، لا سيّما المرأة الريفيّة. ولعلّ أكثر الموضوعات التي انشغلت بها فتحيّة مزالي واشتغلت عليها هي مسألة تغيير السياسة الإنجابيّة للتّونسيّين. وهي تُعدُّ في هذا المجال من الرائدات. فقد ألقت بنادي عزيزة عثمانة محاضرة حول الصحّة الإنجابيّة وأهميّة تنظيم النسل وذلك سنة 1959، أي في فترة كانت فيها هذه المسائل تعدُّ من التابوهات. وقد صرّحت في خطاب لها خلال المؤتمر العالمي للسكّان الملتئم بمكسيكو في أوت 1984 بما يلي : «وعندما بدأنا نتكلّم في تونس ابتداء من نهاية الخمسينات عن ضرورة التحكّم في نسبة الإنجاب فلأنّ هذا التحكّم يشكّل بالنسبة لنا نوعا آخر من التحرّر، أوّلا وقبل كلّ شيء تحرّر من الاستسلام للقدر وتحرّر أيضا من الجهل والفقر والمرض والانغلاق» (خطاب فتحيّة مزالي بالمؤتمر العالمي للسكّان أوردته مجلّة المرأة، عدد 45، 14 أوت 1984). وفي الإطار ذاته، يٌشار إلى أنّ فتحيّة مزالي ساهمت في تأسيس الجمعيّة التونسيّة للتنظيم العائلي. (جريدة الصباح (26 مارس 2006) لشهادة فتحيّة مزالي التي قدّمتها بمؤسّسة التميمي).   

وقد تواصلت جهودها لتحسين أوضاع المرأة بعد تعيينها في 1 نوفمبر 1983 وزيرة للعائلة والنهوض بالمرأة لتكون بذلك أوّل تونسيّة تتقلّد منصبا وزاريّا. هذا وكان لفتحيّة مزالي نشاط حزبي، فقد انخرطت في الحزب الدّستوريّ الجديد ( الحزب الاشتراكيّ الدستوريّ لاحقا). وصارت عضوا في اللجنة المركزيّة للحزب. وفي 9 نوفمبر 1979 قرّر بورقيبة إلحاقها بالديوان السياسيّ لتعويض عبد الله فرحات، فصارت بذلك أوّل امرأة تدخل الديوان السياسيّ. كما كانت من أوائل التونسيّات اللّاتي وقع انتخابهنّ بمجلس الأمّة منذ 1974 وأعيد انتخابها في 1979. وقد تولّت بين 1980 و 1983 خطّة نائب رئيس المجلس.  (مجلة المجلّة، عدد 4 – 10 مارس 1987). ويٌشار إلى أنّ فتحيّة مزالي وقع توسيمها من قبل بورقيبة في عدّة مناسبات.

غير أنّ حياة فتحيّة مزالي ستنقلب رأسا على عقب انطلاقا من جويلية 1986، أي بعد إقالة زوجها، الوزير الأوّل محمد مزالي، وفراره خارج البلاد. فقد تمّ إقصاؤها من جميع المسؤوليات السياسيّة والحزبيّة والجمعياتيّة، كما صودرت جميع ممتلكات زوجها وحكم على ابنها فريد بالسجن لعشر سنوات. وشبّهت مزالي ما حدث لها ولعائلتها بالزلزال. 

وقد توفّيت فتحيّة مزالي يوم 12 فيفري 2018 عن عمر يناهز 91 سنة.

  

علي آيت ميهوب

 

تفاعل مع المنشور وشاركنا تعليقاتك

ابحث بالمجال
العلوم
الاجتماعيّة والقانونيّة
العلوم
التجريبيّة والطبيّة
الآداب
والفنون
الالتزام
والنّضال في الحياة العامّة
الحضارة
والتاريخ
تواصل معنا
تواصل معنا

اطّلع على الموسوعة بلغات أخرى

Version française English version

شاركنا مقترح أسماء

تواصل معنا

العنوان

شارع عبد العزيز آل سعود - نهج الشهيد فرحات ين عافية المنار2 - 2092 - تونس - الجمهورية التونسية

البريد الالكتروني
directiongenerale@credif.org.tn
الهاتف
0021671885322
Drag View Close play
0%